باب إكرام أهل بيت رسول الله وبيان فضلهم

باب إكرام أهل بيت رسول الله وبيان فضلهم

قال الله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (الأحزار: 33). وقال تعالى: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) ( الحخ: 32)

الشرح:
قال المؤلف – رحمه الله- (باب إكرام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينا فضلهم). وأهل بيت الرسول صلى الله عليع و سلم: ينقسمون إلى قسمبن:
قسم كفار: فهؤلاء ليسوا من أهل بيته وإن كانوا أقارب له في النسب، لكنهم ليسوا من أهل بيته؛ لأن الله قال لنوع عليه الصلاة والسلام حين قال: (رب إن ابني من أهلي)، وكان ابنه كافرا قال: ( إنه ليس من أهلك) (هود: 46).
فلاكافر من أقارب الرسول صلى الله عليه و سلم ليسوا من أهل بيته، وإن كانوا أقارب له نسبا.
لكن المؤمنون من قرابته هم إها بيته، ومنهم أيضا زوجانه، فإن زوحاته صلى الله عليه وسلم من آل بيته، كما قال الله تعالى في سياق نساء أمهات المؤمنين: (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقين فلا تخضعن لاقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا (32) وقرن في بيوتكن تبرجن تبرج الحاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (الأحزاب: 32-33).
وهذا نص واضح جدا بإن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم من آل بيته، خلافا للرافضة الذين قالوا: إن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ليسوا من أهل بيته، وهذا غير صحيح، فزوجاته من أهل بيته بلا شك.
ولأهل بيت الرسول صلى الله عليه و سلم المؤمنين، كما قال تعالى في كتابه: (النبي أولى بامؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) (الأحزاب: 6).
فأزواج الرسول صلى الله عليه وسلم امهات للمؤمنين، وهذا باإجماع، فمن قال: إن عائسة رضي الله عنها ليست إما لي فليس من المؤمنين؛ لأن الله قال: (النبي أولى بامؤمنين من أفسهم وأزواجه أمهاتهم) فمن قال إن عائشة – رضي الله عنها – ليست أما للمؤمنين، فهو ليس بمؤمن، لا مؤمن باقرآن ولا بالرسول صلى الله عليه وسلم.
وعجبا لهؤلاء؛ يقدحون في عائشة ويسبونها ويبغضونها وهي أحب زوجات الرسول صلى عليه وسلم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يحب أحدا من نسائه مثل ما يحبها، كما صح ذلك عنه في (البخاري) أنه قيل: يا رسول الله، من أحب الناس إليك؟ قال: (علئشة). قالوا: فمن الرحال؟ قال: (أبوها) أبوا بكر رضي الله عنه.
وهؤلاء القول يكرهون عائشة ويسبونها ويلعنونها، وهي أقرب نساء الرسول إليه، فكيف يقال أن هؤلاء يحبون الرسول؟ وكيف يقال إن هؤلاء يحبون آل الرسول؟ ولكنها دعاوى كاذبة لا أساس لها من الصحة.
فالواخب علينا احترام آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم من قرابته المؤمنين، ومن زوجاته أمهات المؤمنين، كلهم آل بيته ولهم حق.
ثم ذكر المؤلف الآية التي سقناها الآن: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس إهل البيت ويطهركم تطهيرا)
وهذ مصدر مؤكد لما سبق، يدل على أنها طهارة كاملة.
ولهذا من رمي واحدة من نساء الرسول صلى الله عليه وسلم بالزنى – والعياذ بالله – فإنه كافر حتى لو كانت غير عائشة.
الذي يرمي عائشة – رضي الله عنها – بما برأها الله منه فهو كافر مكذب لله، يحل دمه وماله، وأما الذي يرمي سواها بازنى فالصحيح من اقوال أه العلم أنه كافر أيضا؛ لأن هذا أعظم قدح برسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يكون فراشه ممن يزنين والعياذ بالله، وقد قال الله تعالى: (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات) (النور: 26).
فمن رمي واحدة من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بالزني فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم وحاشاه من ذلك- جعله خبيثا نعوذ بالله؛ لأن الله يقول (الخبيثات للخبيثين) وبهذا يعرف أن المسألة خطيرة وعظيمة، وأن الواجب علينا أن نكون المحبة الصادقة لجميع آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم؛ نسائه كلهن والمؤمنين من قرابته.
وعن يزيد بن حبان قال: اطلقت أنا وحصين سبرة، وعمر وبن مسلم إلى زيد بن أرقم رضي الله عنهم، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يازيد خيرا كثيرا، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثت، وغزوت معه، وصليت خلفه: لقد يازيد خيرا كثيرا، حدثنا يازيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: يا ابن زيد أخي والله لقد كبرت سني، وقد عهدي، ونيست بعض الذي كنت أعلى من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حدثتكم، فاقبلوا، وما لا فلا تكلفونيه ثم قتا: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خماء بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ، وذكر، ثم قال: (أما بعد: ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولها كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به) فحث على كتاب الله رغب فيه. ثم قال (وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي) فقال له حصين: ومن أهل بيته يازيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هو؟ قال: هم آل على، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، قال: كل هولاء حرم الصدقة؟ قال: نعم. رواه مسلم.
وفي رواية: (ألا وإني تارك فيكم ثقلين: أحدهما كتاب الله وهو حبل الله، من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه مان على ضلالة). (مسلم: 2408)
وعن ابنعمر رضي الله عنهما، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه موقوفا عليه أنه قال: ارقبوا محمد صلى الله عليه وسلم في أهل بيته. رواه البخاري. (البخاري: 3713).
معنى (ارقبوا): راعوه واحترموه وأكرموه، والله أعلم.

الشرح: هذا الحديث وهذا الأثر في بيان حق آل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق أن آل بيته هم زوجاته ومن كان مؤمنا قرابته، من آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس، وهم الذين تحرم عليهم الصدقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه العباس وقد سأله من الصدقة، قال: (إن هذه أوساخ الناس وإنهما لا تحل لآل مجمد).
وآل محمد لهم خصائص ليست لغيرهو، ففي باب الفيء لهم حق يحتصون به، كما قال تعالى (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) (الأنفال: 41) يعنى قرابة النبي صلى الله عليه وسلم.
ولهم مرامة وشرف وسيادة، فلا تحل لهم الصدقة ولا الزكاة الواجبة؛ لأنهما أوساخ الناس، كما قال تعالى: (خذ من أموالهم ضدقة تطهرهم) (التوبة: 103) فلا يحل لهم الصدقة؛ فهم أشرف وأعلى من أن تحل لهم الصدقة، لكن بعطون بدلها من الخمس.
ثم بين في حديث زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خم؛ وهو غادر بين مكة المدينة، نزل فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ووعد وذكر، وحث علي القرآن، وبين أن فيه الشفاء والنون، ثم حث على أهل بيته، فقال: (أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي).
ولم يقل إن أهل بيته معصومون، وإن أقوالهم كالقرآن يجب أن يعمل بها، كما تدعيه الرافضة، فإنهم ليسوا معصمين، بل هم يخطئون كما يخطئ غيرهم، ويصيبون كما يصيب غيرهم، ولكن لهم حق قرابة النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق.
وقوله: (أذكركم الله في أهل بيتي): يعني اعرفوا لهم حقهم، ولا تظلموهم، ولا تعتدوا عليهم، هذا من باب التوكيد، وإلا فكل إنسان مؤمن له حق على أخيه، لا يحق أنيعتدي عليه، ولا أن تظلمه، لكن لآل النبي صلى الله عليه وسلم حق زائد على حقوق غيرهم من المسلمين.
وإذا كان هذا في حق آل النبي صلى الله عليه وسلم فما بالك بحق الرسول صلى الله عليه وسلم؟
حق الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم الحقوق بعد حق الله؛ يجب أن يقدم على النفس والولد والأهل وعلي جميع الناس، في المجبة والتعظيم وقبول هديه وسنته صلى الله عليه وسلم، فهو مقدم على كل أحد صلى الله عليه وسلم. نسأل الله أن يحعلنا والمسلمين من أتباعه ظاهرا وباطنا.

http://uncoveredtreasures.wordpress....4%D9%87%D9%85/