جوري
Soldier Through It!
- Messages
- 27,759
- Reaction score
- 6,095
- Gender
- Female
- Religion
- Islam
When the watch dogs are annoyed/عندما يزعج كلاب الحراسة
الإسلام عندما يزعج كلاب الحراسة
عبد الرزاق قيراط
2012-10-08
[COLOR=#6633332]
أحدثت الفنانة الفرنسيّة المسلمة ديامز/ diams ، في مطلع الأسبوع الفارط، زلزالا قويّا على سلّم الأوساط الإعلاميّة في فرنسا، بعد أن بثّت القناة الأولى TF1 حوارا معها في برنامجها الإخباريّ (من السابعة إلى الثامنة)، تابعه قرابة ستّة ملايين مشاهد، وهو رقم قياسيّ لم تتمتّع به القناة منذ سنوات. ومشاهدة الحوار ما زالت تجتذب عشرات الآلاف يوميّا على اليوتيوب و الفيسبوك.
ديامز مغنّية الراب، التي اختفت عن الأضواء بعد اعتناقها الإسلام وارتدائها الحجاب، وافقت على إجراء الحوار لتتحدّث عن المنعرج الكبير الذي عاشته وهي تتحوّل من نجمة مشهورة حقّقت نجاحا فنيّا باهرا إلى سيّدة عاديّة تؤسّس بيتا وأسرة و تعيش حياة طبيعيّة هادئة. تحوّلٌ سبقته معاناة نفسيّة مدمّرة، فحاولت الانتحار وتمّ إنقاذها في اللحظات الأخيرة. تحدّثت ديامز عن تلك المعاناة فشخّصت أوجاعها التي كانت تواجهها منفردة في شقّتها الكبيرة الفاخرة. كانت محاصرة بوحدتها وبصمت رهيب يخيفها بل يرعبها فتغرق في بكاء هستيريّ نابع من الفراغ السحيق الذي سقط فيه قلبها. تقول عن ذلك القلب:' إنّه لم يعد يصلح لشيء، هو ينبض ولكنّه ليس حيّا'.
حاولت الخروج للمرح و اللجوء إلى الأصدقاء ولكنّ صوتا بداخلها كان يقول لها ليس هذا ما تحتاجين إليه. ديامز الثريّة المشهورة التي باعت ملايين الألبومات لم تشعر بالسعادة و هي تملك كل ما يحلم به الإنسان من زينة الحياة الدنيا. عجزت عن شراء تلك السعادة ففقدت الشعور بالأمن و الطمأنينة. كانت فريسة لأسئلة لا تعرف كيف تجيب عنها، فظلّت تتألّم حتّى فكّرت في الموت للتخلّص من عذابها بعد أن فشل الأطبّاء في السيطرة عليه، حاولوا تسكينه و تخذيره، أمّا استئصاله فلا قدرة لهم عليه و لا دواء يعرفونه فيصفوه لتعجيل الشفاء لمريضتهم.
فقط صديقتها المسلمة 'سوسو' نجحت في ذلك بمحض الصدفة. كانت تزورها ببيتها فاستأذنتها يوما لأداء الصلاة. أمر جديد وغير معتاد فاجأ ديامز، وشعرت برغبة عجيبة في القيام بتلك العبادة. قالت لصديقتها: أنا أيضا أريد أن أصلّي...و كانت صلاتها كما يجب أن تكون مناجاة للخالق و شكوى ودعاء بقلب خاشع. تقول ديامز إنّها شعرت لأّوّل مرّة بمعنى وجودها في هذه الحياة حين صلّت وخاطبت ربّها، وسألته فأجابها. كانت تتحدّث عن تلك التجربة بسعادة ارتسمت ملامحها على تفاصيل وجهها من خلال ابتسامتها التي لم تفارقها و من خلال نظرات عينيها التي كانت مرآة لما في قلبها من الشعور بالسكينة و السلام. و كان القرآن شفاء لما في صدرها من 'فوضى الحواسّ'، أقبلت عليه قراءة و اكتشافا لأغواره و أغوارها، فوجدت لكلّ سؤال أرّقها جوابا يشفي غليلها و يقينا يبدّد حيرتها. عرفت في النهاية طريقها فسلكته راضية مطمئنّة رغم العاصفة التي هبّت من حولها بسبب اعتناقها للإسلام. و كانت الحملة التي واجهتها في غاية الشراسة، فاتّهمها القريب و البعيد بالضلال و اعتبرها البعض خطرا على الفتيات من معجباتها. و تبتسم ديامز من تلك التهم، و تعبّر عن استغرابها من توصيفها بالخطر بينما تسعى لتكون امرأة صالحة طيّبة. و تعترف في نهاية الحوار أنّ الحجاب الذي لبسته بمحض إرادتها أزعج الكثيرين فواجهوها بأفكارهم المسبقة و انتقاداتهم اللاذعة و إساءاتهم الكثيرة. ومع ذلك فإنّ تلك المتاعب لن تثنيها لتتراجع عن المنهج الجديد الذي اتخذته لحياتها. إنّها ليست نادمة على هجرتها من الغناء إلى الإسلام، و من 'الراب' إلى الربّ، لأنّها غادرت بتلك الهجرة جحيم عذابها النفسيّ لتكتشف جنّتها و نعيم العيش في أرجاء عقيدتها.
كلاب الحراسة
لكأنّ القناة الفرنسيّة الأولى شعرت بخطيئتها وهي تمنح الفرصة لديامز للتحدّث عن سعادتها بالإسلام، فسارعت في نشرة أخبارها التي أذيعت مباشرة بعد ذلك الحوار إلى استكشاف ردود أفعال المشاهدين الفرنسيين بخصوص المسلك الجديد لتلك الفنانة. و العجيب أنّ الشريحة المستهدفة من المشاهدين شملت بعض النساء من أصول عربيّة، و قد عبّرن عموما عن الأسف بخصوص الحجاب الأسود الذي ظهرت به ديامز، حتّى أنّ إحدى المتدخّلات شبّهتها بالخنفساء في إساءة مقصودة، قالت ديامز إنّ الكثيرين يقترفونها في حقّها جهلا وعدوانا.
وبذلك التقرير حاولت نشرة أخبار الثامنة أن تشوّش بعض الشيء على الصورة المتألّقة التي ظهرت بها ديامز المليحة في خمارها الأسود، كما يردّد صباح فخري. و لكنّ ذلك لم يكن كافيا لتكفّر القناة عن 'ذنبها'، فتشبيه 'أختنا' بالخنفساء قد يمسّ من صورتها الخارجيّة، غير أنّه لا يستطيع أن يبطل ما ظهر من سحر في خطابها الصادق عن تجربتها التي خاضتها بحثا عن السعادة المفقودة رغم شهرتها و ثرائها. لذلك استمرّت المحاولات لمحو تلك الآثار التي وصلت إلى ملايين البيوت، فدعت القناة الإخباريّة (LCI) مجموعة من الإعلاميين ليعبّروا جميعا و دون استثناء عن انزعاجهم الشديد و صدمتهم من الحوار الذي بثته القناة الأمّ مؤكّدين استياءهم لما وقع فيه زملاؤهم بوعي أو بغير وعي من شبهة التسويق لذلك النموذج للمرأة المسلمة المتحجّبة، فقد تمّ التركيز حسب رأيهم على صور تظهر الفنانة بكامل جسدها الذي يختفي تحت حجابها. و ذلك في رأيهم مزعج للغاية. و استمرّ النقاش طويلا دون أن نسمع صوتا واحدا يدافع عن حريّة التعبير أو حريّة المعتقد و حقّ الاختلاف، و كلّها قيم طالما أعلى الفرنسيّون من شأنها، و تعلّلوا بها للدفاع عن مجلّة 'شارلي إبدو' التي نشرت رسوما مسيئة للنبيّ محمّد عليه الصلاة و السلام. و لكنْ حين تعلّق الأمر بالإسلام و المسلمين، انقلبت تلك المبادئ إلى غضب و استياء. و من شاهد الحوار، سيفهم أنّ ما أزعج أولائك الإعلاميين و أغضبهم (دون أن يفصحوا عنه) يتعدّى الحجاب و يتعلّق على الأرجح بالرسالة الإيجابيّة التي بثّتها ديامز عن الإسلام في عموم الناس فتخطّت فرنسا، و انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعيّ حيث تهاطلت عليها التعليقات التي عبّرت في مجملها عن الإعجاب و التعاطف.
أن يكون الإسلام بتلك الصورة الإيجابيّة التي أظهرتها المغنّية ديامز فكرة أزعجت 'كلاب الحراسة' كما سمّاهم المخرج الفرنسي جيل بالباستر في شريطه الوثائقيّ الساخر حيث يكشف تورّط معظم الإعلاميين الفرنسيّين في خدمة أجندات محدّدة... فالإعلام الغربيّ عموما، يعمل على الترويج لسياسات ثقافيّة بعينها لا يمكن أن يكون الإسلام إلاّ مخالفا أو منافسا لها. و قد عرض ذلك الفيلم في بروكسال في إطار مهرجان مخصّص للأفلام المزعجة.
تقارير مزعجة على الجزيرة:
في نفس السياق المتعلّق بالإزعاج، بثّت قناة الجزيرة على مدى أسبوع مجموعة من التقارير عن واقع التعليم في عالمنا العربيّ. فشاهدنا بالأرقام و الصور وضعا متردّيا، سببه الرئيس، ضعف الإنفاق على أكثر القطاعات أهمّية في تكوين أجيال الغد. و من الأرقام التي قدّمتها أنّ العرب أنفقوا لشراء السلاح مائة مليار دولار بينما لم يحصل التعليم على نصف ذلك المبلغ. و أوردت في أمثلتها أنّ الأمن في الأردن أخذ ميزانية أكبر ممّا خُصّص للتعليم و الصحّة و التشغيل مجتمعة.
و تستنج الجزيرة أنّ قلة الإنفاق على التعليم في منطقتنا العربيّة يؤثر بصفة مباشرة على جودته، و يجبر العائلات على تحمّل أعباء ثقيلة بسبب اللجوء إلى الدروس الخصوصيّة.
و لكنّ الجزيرة لم تتناول بالتحليل تلك الظاهرة التي تشهد رواجا هو أشبه بالعمليّات التجاريّة القذرة، فقد انتشر هذا الفساد في كلّ مراحل تعليمنا و لم يسلم منه حتّى الأطفال الصغار في الأقسام الدنيا. والأولياء الذين سقطوا في الفخّ خوفا على مستقبل أبنائهم إنّما يرتكبون خطأ فادحا بتشجيعهم لمثل تلك الخطايا و سكوتهم عن تلك التجاوزات.
إنها المعادلة البديلة التي لجأ إليها المدرّس لتحسين دخله الضعيف، و لجأ إليها الطالب لتحسين نتائجه الهزيلة و سكت عنها الحاكم و شجّعها لتوفير الأموال التي ستُصرف للحفاظ على أمنه و أمن سلطانه. و بذلك تساهم جميع الأطراف في فساد هدم العلاقة التربويّة بين المعلّم و المتعلّم و حوّل المدرسة من وسط تربويّ إلى سوق سوداء.
كاتب تونسي
http://alquds.co.uk/index.asp?fname=today\08qpt997.htm&arc=data\2012\10\10-08\08qpt997.htm
[email protected]
[/COLOR]
الإسلام عندما يزعج كلاب الحراسة
عبد الرزاق قيراط
2012-10-08

أحدثت الفنانة الفرنسيّة المسلمة ديامز/ diams ، في مطلع الأسبوع الفارط، زلزالا قويّا على سلّم الأوساط الإعلاميّة في فرنسا، بعد أن بثّت القناة الأولى TF1 حوارا معها في برنامجها الإخباريّ (من السابعة إلى الثامنة)، تابعه قرابة ستّة ملايين مشاهد، وهو رقم قياسيّ لم تتمتّع به القناة منذ سنوات. ومشاهدة الحوار ما زالت تجتذب عشرات الآلاف يوميّا على اليوتيوب و الفيسبوك.
ديامز مغنّية الراب، التي اختفت عن الأضواء بعد اعتناقها الإسلام وارتدائها الحجاب، وافقت على إجراء الحوار لتتحدّث عن المنعرج الكبير الذي عاشته وهي تتحوّل من نجمة مشهورة حقّقت نجاحا فنيّا باهرا إلى سيّدة عاديّة تؤسّس بيتا وأسرة و تعيش حياة طبيعيّة هادئة. تحوّلٌ سبقته معاناة نفسيّة مدمّرة، فحاولت الانتحار وتمّ إنقاذها في اللحظات الأخيرة. تحدّثت ديامز عن تلك المعاناة فشخّصت أوجاعها التي كانت تواجهها منفردة في شقّتها الكبيرة الفاخرة. كانت محاصرة بوحدتها وبصمت رهيب يخيفها بل يرعبها فتغرق في بكاء هستيريّ نابع من الفراغ السحيق الذي سقط فيه قلبها. تقول عن ذلك القلب:' إنّه لم يعد يصلح لشيء، هو ينبض ولكنّه ليس حيّا'.
حاولت الخروج للمرح و اللجوء إلى الأصدقاء ولكنّ صوتا بداخلها كان يقول لها ليس هذا ما تحتاجين إليه. ديامز الثريّة المشهورة التي باعت ملايين الألبومات لم تشعر بالسعادة و هي تملك كل ما يحلم به الإنسان من زينة الحياة الدنيا. عجزت عن شراء تلك السعادة ففقدت الشعور بالأمن و الطمأنينة. كانت فريسة لأسئلة لا تعرف كيف تجيب عنها، فظلّت تتألّم حتّى فكّرت في الموت للتخلّص من عذابها بعد أن فشل الأطبّاء في السيطرة عليه، حاولوا تسكينه و تخذيره، أمّا استئصاله فلا قدرة لهم عليه و لا دواء يعرفونه فيصفوه لتعجيل الشفاء لمريضتهم.
فقط صديقتها المسلمة 'سوسو' نجحت في ذلك بمحض الصدفة. كانت تزورها ببيتها فاستأذنتها يوما لأداء الصلاة. أمر جديد وغير معتاد فاجأ ديامز، وشعرت برغبة عجيبة في القيام بتلك العبادة. قالت لصديقتها: أنا أيضا أريد أن أصلّي...و كانت صلاتها كما يجب أن تكون مناجاة للخالق و شكوى ودعاء بقلب خاشع. تقول ديامز إنّها شعرت لأّوّل مرّة بمعنى وجودها في هذه الحياة حين صلّت وخاطبت ربّها، وسألته فأجابها. كانت تتحدّث عن تلك التجربة بسعادة ارتسمت ملامحها على تفاصيل وجهها من خلال ابتسامتها التي لم تفارقها و من خلال نظرات عينيها التي كانت مرآة لما في قلبها من الشعور بالسكينة و السلام. و كان القرآن شفاء لما في صدرها من 'فوضى الحواسّ'، أقبلت عليه قراءة و اكتشافا لأغواره و أغوارها، فوجدت لكلّ سؤال أرّقها جوابا يشفي غليلها و يقينا يبدّد حيرتها. عرفت في النهاية طريقها فسلكته راضية مطمئنّة رغم العاصفة التي هبّت من حولها بسبب اعتناقها للإسلام. و كانت الحملة التي واجهتها في غاية الشراسة، فاتّهمها القريب و البعيد بالضلال و اعتبرها البعض خطرا على الفتيات من معجباتها. و تبتسم ديامز من تلك التهم، و تعبّر عن استغرابها من توصيفها بالخطر بينما تسعى لتكون امرأة صالحة طيّبة. و تعترف في نهاية الحوار أنّ الحجاب الذي لبسته بمحض إرادتها أزعج الكثيرين فواجهوها بأفكارهم المسبقة و انتقاداتهم اللاذعة و إساءاتهم الكثيرة. ومع ذلك فإنّ تلك المتاعب لن تثنيها لتتراجع عن المنهج الجديد الذي اتخذته لحياتها. إنّها ليست نادمة على هجرتها من الغناء إلى الإسلام، و من 'الراب' إلى الربّ، لأنّها غادرت بتلك الهجرة جحيم عذابها النفسيّ لتكتشف جنّتها و نعيم العيش في أرجاء عقيدتها.
كلاب الحراسة
لكأنّ القناة الفرنسيّة الأولى شعرت بخطيئتها وهي تمنح الفرصة لديامز للتحدّث عن سعادتها بالإسلام، فسارعت في نشرة أخبارها التي أذيعت مباشرة بعد ذلك الحوار إلى استكشاف ردود أفعال المشاهدين الفرنسيين بخصوص المسلك الجديد لتلك الفنانة. و العجيب أنّ الشريحة المستهدفة من المشاهدين شملت بعض النساء من أصول عربيّة، و قد عبّرن عموما عن الأسف بخصوص الحجاب الأسود الذي ظهرت به ديامز، حتّى أنّ إحدى المتدخّلات شبّهتها بالخنفساء في إساءة مقصودة، قالت ديامز إنّ الكثيرين يقترفونها في حقّها جهلا وعدوانا.
وبذلك التقرير حاولت نشرة أخبار الثامنة أن تشوّش بعض الشيء على الصورة المتألّقة التي ظهرت بها ديامز المليحة في خمارها الأسود، كما يردّد صباح فخري. و لكنّ ذلك لم يكن كافيا لتكفّر القناة عن 'ذنبها'، فتشبيه 'أختنا' بالخنفساء قد يمسّ من صورتها الخارجيّة، غير أنّه لا يستطيع أن يبطل ما ظهر من سحر في خطابها الصادق عن تجربتها التي خاضتها بحثا عن السعادة المفقودة رغم شهرتها و ثرائها. لذلك استمرّت المحاولات لمحو تلك الآثار التي وصلت إلى ملايين البيوت، فدعت القناة الإخباريّة (LCI) مجموعة من الإعلاميين ليعبّروا جميعا و دون استثناء عن انزعاجهم الشديد و صدمتهم من الحوار الذي بثته القناة الأمّ مؤكّدين استياءهم لما وقع فيه زملاؤهم بوعي أو بغير وعي من شبهة التسويق لذلك النموذج للمرأة المسلمة المتحجّبة، فقد تمّ التركيز حسب رأيهم على صور تظهر الفنانة بكامل جسدها الذي يختفي تحت حجابها. و ذلك في رأيهم مزعج للغاية. و استمرّ النقاش طويلا دون أن نسمع صوتا واحدا يدافع عن حريّة التعبير أو حريّة المعتقد و حقّ الاختلاف، و كلّها قيم طالما أعلى الفرنسيّون من شأنها، و تعلّلوا بها للدفاع عن مجلّة 'شارلي إبدو' التي نشرت رسوما مسيئة للنبيّ محمّد عليه الصلاة و السلام. و لكنْ حين تعلّق الأمر بالإسلام و المسلمين، انقلبت تلك المبادئ إلى غضب و استياء. و من شاهد الحوار، سيفهم أنّ ما أزعج أولائك الإعلاميين و أغضبهم (دون أن يفصحوا عنه) يتعدّى الحجاب و يتعلّق على الأرجح بالرسالة الإيجابيّة التي بثّتها ديامز عن الإسلام في عموم الناس فتخطّت فرنسا، و انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعيّ حيث تهاطلت عليها التعليقات التي عبّرت في مجملها عن الإعجاب و التعاطف.
أن يكون الإسلام بتلك الصورة الإيجابيّة التي أظهرتها المغنّية ديامز فكرة أزعجت 'كلاب الحراسة' كما سمّاهم المخرج الفرنسي جيل بالباستر في شريطه الوثائقيّ الساخر حيث يكشف تورّط معظم الإعلاميين الفرنسيّين في خدمة أجندات محدّدة... فالإعلام الغربيّ عموما، يعمل على الترويج لسياسات ثقافيّة بعينها لا يمكن أن يكون الإسلام إلاّ مخالفا أو منافسا لها. و قد عرض ذلك الفيلم في بروكسال في إطار مهرجان مخصّص للأفلام المزعجة.
تقارير مزعجة على الجزيرة:
في نفس السياق المتعلّق بالإزعاج، بثّت قناة الجزيرة على مدى أسبوع مجموعة من التقارير عن واقع التعليم في عالمنا العربيّ. فشاهدنا بالأرقام و الصور وضعا متردّيا، سببه الرئيس، ضعف الإنفاق على أكثر القطاعات أهمّية في تكوين أجيال الغد. و من الأرقام التي قدّمتها أنّ العرب أنفقوا لشراء السلاح مائة مليار دولار بينما لم يحصل التعليم على نصف ذلك المبلغ. و أوردت في أمثلتها أنّ الأمن في الأردن أخذ ميزانية أكبر ممّا خُصّص للتعليم و الصحّة و التشغيل مجتمعة.
و تستنج الجزيرة أنّ قلة الإنفاق على التعليم في منطقتنا العربيّة يؤثر بصفة مباشرة على جودته، و يجبر العائلات على تحمّل أعباء ثقيلة بسبب اللجوء إلى الدروس الخصوصيّة.
و لكنّ الجزيرة لم تتناول بالتحليل تلك الظاهرة التي تشهد رواجا هو أشبه بالعمليّات التجاريّة القذرة، فقد انتشر هذا الفساد في كلّ مراحل تعليمنا و لم يسلم منه حتّى الأطفال الصغار في الأقسام الدنيا. والأولياء الذين سقطوا في الفخّ خوفا على مستقبل أبنائهم إنّما يرتكبون خطأ فادحا بتشجيعهم لمثل تلك الخطايا و سكوتهم عن تلك التجاوزات.
إنها المعادلة البديلة التي لجأ إليها المدرّس لتحسين دخله الضعيف، و لجأ إليها الطالب لتحسين نتائجه الهزيلة و سكت عنها الحاكم و شجّعها لتوفير الأموال التي ستُصرف للحفاظ على أمنه و أمن سلطانه. و بذلك تساهم جميع الأطراف في فساد هدم العلاقة التربويّة بين المعلّم و المتعلّم و حوّل المدرسة من وسط تربويّ إلى سوق سوداء.
كاتب تونسي
http://alquds.co.uk/index.asp?fname=today\08qpt997.htm&arc=data\2012\10\10-08\08qpt997.htm
[email protected]